هل تدرك الأحلام عالم الغيب تماماً؟

2,949 مشاهدة


إذا توقفت الأعضاء عن أداء وظائفها بشكل صحيح يصبح الإنسان شخصاً مختلفاً، وفي هذه الحالة لن تكون للأحلام أية جدوى تنبؤية باستثناء لفت نظر الشخص الحالم إلى هذا الإضراب في وظائف الجسم.

فالأحلام عبارة عن رموز تضغط ا ذاتية الإنسان على العقل المادي مع الإحساس بالشر أو الخير الوشيك. فالذاتية هي الجانب الروحاني من الإنسان. والنفس هي تلك الدائرة من الإنسان الواقعة مباشرة خارج إطار المادية والتي تعتمد عليها بشكل كبير. تدخل كل الأفكار والرغبات أول الأمر إلى النفس أو العقل المادي ثم تلقي بظلالها على الروح.

وتمتلئ النفس بالأفكار المادية أو الحاضرة بحيث تتزاحم الرموز الروحانية وفي هذه الحالة تصبح الأحلام متناقضة، ونقصد بالذاتية المادية أن كل الأفكار والآراء التي تنبثق من مصادر مادية تندفع لتشكل هذه الدائرة. ثم يلتقط العقل أفضل الأفكار ويفرغها في قوة أكبر وأكثر إدراكاً.

وهناك دائرة أخرى وهي الذاتية الروحانية أو أعلى عنصر قوة يصله الإنسان "الإنسان الروحاني" وترتبط من حيث العنصر بالنفس الروحية للكون. وقد تقوى أو تضعف كما قد ندركها أو نفشل في إدراكها كعامل في الوجود وهناك تشابه بين النمو الروحي وما يحدث في مملكة النبات والحيوان.

فالأشجار الواقعة على أطراف الغابة أكثر قدرة على مواجهة الرياح من تلك الواقعة في الداخل ونتيجة لتعرضها للعواصف تغلغلت الجذور في التربة بقوة أكبر كما نرى أن الأغصان تحمل أوراقاً أكثر وفروعاً أكثر تشابكاً وأغزر.

ويمكن قول الشيء نفسه عن مملكة الحيوان. فالعقل ينمو بقدر ما نمرنه على العمل تماماً كما هو الحال بالنسبة لعضلات الجسم. فكلما عودناه على الانطلاق بعيداً عن أسرا في الكون ازدادت قابليتها على تلقي المعارف وبالتالي تزداد قوة. فالإنسان يقلد في أفكاره وأفعاله القرد والنمر والجدي والأفعى والشاة ويكتسب صفاا ويندفع تحت تأثيرات مشاة إلى السلوك العدائي والوداعة والشهوة والجشع.

ولتوضيح ذلك أكثر نقول إذا كان الإنسان ذكياً فإنه يأخذ صفات الثعلب في الكون ويصبح شبيهاً به قولاً وفعلاً وإذا كان الإنسان أنانياً تنطلق غريزة الأنا والجشع من خلاياها الكائنة في عالم الإنسان فتستحوذ عليه الشهوات المادية.

وعلى المنوال نفسه قد يدرك العالم الروحاني في نفسه أن قوانين الطبيعة في كل تعددها وتنوعها تبدو بسيطة في توافق عملياا وفي وحدة أغراضها حين تؤثر في نمو الإنسان مادياً وأخلاقياً.

وتكون إمكانيات النمو الداخلي والتطور محدودة لدى الإنسان المادي. فإذا كانت لديه الرغبة في إنكار الترعة الروحانية فإنه يتضائل وتضعف طموحاته وبالتالي يجرد الروحانية السرمدية من خواصها الصالحة.

والطبيعة، في تركيبها للمواد من أجل خلق الرجل الأصم أسقطت سهواً عنصر الصوت من تكوينه.

وبالتالي فقد تكون لدينا كائن غير تام، إذا أن الصوت يبقى غريباً عن دنياه، ولا يمكن مخاطبته إلا عن طريق الإشارة حتى ولو كان ذلك في الحلم. وتستخدم الروحانية قوى الطبيعة في حين يستخدم الرجل الطبيعي الأحلام ليعمل وهو في إدراكه الحي.

وبما أنه من المستحيل أن نستخدم لشكل فعال عاملاً يفتقر إليه الإنسان بشكل طبيعي فمن النادر أن يحلم الأصم بالأصوات أو الأعمى بالألوان.

مصدر النص: موسوعة تفسير الأحلام - ميلر


هل تدرك الأحلام عالم الغيب تماماً؟